ماذا يحدث بين حماس وفتح حاليا؟ وما تطورات ملف المصالحة الفلسطينية؟ الجديد أن السلطة الفلسطينية فى رام الله سحبت عناصرها من المعابر، وهو ما يعنى تفجير ملف المصالحة الذى كان أحد شروطه سيطرة السلطة الشرعية على أمن المعابر وإدارتها، وفى الوقت نفسه تلجأ حركة حماس إلى الصمت والاعتماد على الأموال القطرية التى تأتيها عبر الأمن الإسرائيلى لضمان خنوع المقاومة وتغليب خيار دويلة غزة على أى مفاوضات مستقبلية، مع ضمان عدم تمثيل أى مفاوضات فى المدى المنظور بين الإسرائيلين والفلسطينيين لكل فصائل الشعب الفلسطينى، حتى تضمن تل أبيب ضعف المفاوض الفلسطينى وتجد لنفسها فرصة للالتفاف على أى تعهدات مستقبلية.
وإذا كانت السلطة فى رام الله قد اعتبرت ملف المصالحة كأن لم يكن، فهل لديها حلول لملف غزة؟ وهل سلمت رام الله بأن غزة ومن عليها ليست جزءا عضويا من القضية الفلسطينية، وأن من حق إسرائيل أن تتلاعب بها وأن تستخدمها لوأد القضية الفلسطينية؟ وهل أعلنت السلطة فى رام الله جميع تفاصيل مروق حركة حماس من الصف الوطنى لأبناء الشعب الفلسطينى ليقرروا بشأنها ما يقرروه؟ ومن ناحية ثانية، إذا كانت حركة حماس قد اختارت تنفيذ المشروع الصهيونى بإقامة دويلة غزة بالميناء التافه، والمطار المدار بعناصر إسرائيلية، فلماذا لم تعلن على الملأ خياراتها حتى يعرف الفلسطينيون طبيعة وتوجهات الأشاوس الذين يديرون غزة ولحساب من يعملون؟
بالذمة، أهذا حال من لديهم حلم باستعادة الأراضى المحتلة؟ أهذا حال من لديهم يقين باسترجاع القدس والدفاع عن الأقصى؟ أهذا حال المناضلين الحالمين بإقامة الدولة أم الباحثين عن مصالحهم الشخصية التافهة والمدافعين عن أرصدتهم فى البنوك لا عن الأرض والحلم الفلسطينيين؟ هل تستعصى المصالحة الفلسطينية إلى هذه الدرجة ما دام السيد نتنياهو يريد الشقاق والحرب بين الفلسطينيين؟ كيف إذن سيخوض الفلسطينيون حرب التحرير إذا اقتضت الظروف ذلك؟ ومن يرفع لواء المقاومة إذا كان الجناح الغزاوى يطلب رضا الصهاينة وجناح رام الله يرفع شعار التعاون مع حكومة نتنياهو؟
نحن لا نطالب الأشقاء الفلسطينيين برفع السلاح إذا استطاعوا الحصول على حقوقهم بالمفاوضات، لكننا نطالبهم بأن يقدموا مصالحهم العليا على مصالح أعدائهم التاريخيين فى تل أبيب، فإذا كانت المصلحة العليا الفلسطينية تقتضى التوحد خلف قيادة واحدة وإزالة الحواجز المصطنعة بين معسكر غزة ومعسكر رام الله، بينما المصلحة العليا الإسرائيلية تقتضى استمرار الصراع بين فتح وحماس وتفتيت القوى الفلسطينية تمهيدًا لجعل دولة غزة هى الأساس وطرد الفلسطينيين نهائيا من الضفة، فلتكن المصلحة العليا الفلسطينية غالبة فى هذا الملف على الأقل بصرف النظر عمن يحكم، أكان فى رام الله أو غزة، لتسقط السلطة فى رام الله والسلطة فى غزة ولتعد منظمة التحرير الفلسطينية مرة أخرى تهيمن على كل ما يتعلق بالشأن الفلسطينى.
السلام الشامل والعادل الذى يحقق المصالح العليا الفلسطينية والذى تدعو إليه مصر، يعنى قيام دولة فلسطينية حقيقية ذات سيادة وقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، مع ترك مساحة للمفاوضين من الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى للاتفاق حول التفاصيل المتعلقة بالحل النهائى، مثل قضايا التأمين على الحدود المشتركة، ووضع المقدسات الإسلامية والمسيحية، وقضية اللاجئين وحقهم فى العودة إلى بلادهم.
وحتى يتحقق هذا السلام الشامل والعادل، لا بد وأن يكون المطالبون به أقوياء وقادرين على الدفاع عن قضيتهم فى المحافل الدولية أو على طاولة المفاوضات، ونعلم كيف خاضت مصر ماراثون من اللقاءات بين حركتى فتح وحماس حتى تستعيد وجه المفاوض الفلسطينى الذى يمثل عموم الشعب الفلسطينى، وحتى ينتهى الانقسام بفعل فاعل، الذى انجرت له القوى الفلسطينية حتى أصبحت إسرائيل أقرب فى بعض الأحيان لبعض الفلسطينيين من أشقاء الدم والمصير، وحتى تراجعت فكرة المقاومة بكل أشكالها أمام محاولات أسرلة الوعى الفلسطينى وإغراقه فى مستنقعات التطرف والإرهاب أو فى حروب الخيانة بين غزة ورام الله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة